نظرة على بعض أنظمة التشغيل05 سبتمبر 2005
أكثر الناس من غير المتخصصين في الحاسوب لا يعرفون أن في الدنيا نظاماً آخر غير ويندوز، فالكل يتحدث عنه، فعندما تكتب جريدة عن فايروس جديد فهي بالتأكيد تتحدث عن ويندوز حتى لو لم تذكره مرة في الخبر، وعندما يشرح موقع ما كيفية حماية الحاسوب من الاختراق فالموقع بالتأكيد يتحدث عن ويندوز، المشكلة بالنسبة لي أن هذه المواقع والصحف لا تضع تنويهاً صغيراً أن هذا الدرس أو هذا الخبر يتعلق بنظام ويندوز وأن الأنظمة الأخرى لا تتأثر بالفايروس أو لا تحتاج لإجراءات حماية لأنها محمية بطرق أخرى، هذا التنويه الصغير قد يجعل الناس يفكرون في البدائل الأخرى المتوفرة لهم.
عندما يعرف الناس أن هناك أنظمة تشغيل أخرى، يظنون أنها مشابهة لويندوز، تتعرض للفايروسات والاختراقات والمشاكل الأمنية، ويمكنها أن تشغل برامج ويندوز، وهي لا تختلف عنه إلا في بعض الأمور الصغيرة.
نحن بحاجة إلى أن نوعي الناس بالخيارات الأخرى المتوفرة، لدينا لينكس وماك، لينكس قد لا يصلح للجميع، لكن ماك بالتأكيد سهل الاستخدام ويصلح لكل من يستطيع شراء أجهزة من أبل، لكن هل الناس يعرفون وجود هذه الخيارات؟
نأتي إلى المتخصصين في الحاسوب، بالنسبة لي من العيب أن يكون المرء متخصصاً في الحاسوب وهو لا يعرف شيئاً عن الأنظمة الأخرى، لا أعني هنا أن يكون محترفاً في كل نظام تشغيل موجود على وجه الأرض، إنما فقط يعي أن هناك أنظمة تشغيل أخرى ويعرف لمحة عنها، وبالتأكيد يعرف كيف يستخدم بعضها مثل لينكس، فنظام لينكس إن لم يستخدم كنظام لسطح المكتب فهو سيستخدم كمزود لموقع أو لشبكة داخلية.
بعض أنظمة التشغيل التي سأكتب عنها هنا كانت مشهورة في السابق وخرجت من السوق أو أصبح قلة من الناس يستخدمونها، وأسباب تراجع هذه الأنظمة تكمن بشكل رئيسي في سببين، الأول هو الإدارة السيئة التي تسببت قراراتها في خروج النظام من السوق أو خسارته لحصة كبيرة منه، السبب الثاني هو المنافسة وبشكل رئيسي مايكروسوفت ونظام ويندوز الذي أزاح كل الأنظمة الأخرى.
بي أو أس (BeOS)لو كانت هناك قصة حزينة نرويها عن أنظمة التشغيل فلا بد أن بطلها سيكون نظام
بي أو أس، فقد خرج للوجود في عام 1991م وكان مصمماً ليعمل في معالجات تسمى
هوبت من إنتاج شركة الاتصالات الضخمة AT&T والتي قامت بإيقاف إنتاج هذا المعالج في منتصف التسعينات، هكذا اضطرت شركة بي إلى نقل نظامها إلى معالجات باور بي سي التي تستخدم في أجهزة أبل على أمل أن تقرر أبل شراء النظام لتستخدمه على أجهزتها بدلاً من نظام ماك الذي بدأ يعاني من الشيخوخة، لكن أبل اتجهت لشراء نظام تشغيل آخر هو
نكست ستيب والذي أصبح نظام ماك 10 الآن.
لماذا رفضت أبل شراء نظام بي؟ لأن مؤسس شركة بي
جين لويس طلب مبلغاً ضخماً مقابل شراء حقوق النظام، وبالمناسبة، جين لويس هذا كان موظفاً سابقاً في شركة أبل، وقد طلب 400 مليون دولار من أبل لشراء نظام بي، لكن أبل عرضت 80 مليون دولار، ثم رفعت السعر إلى 120 مليون ثم إلى 200 مليون، ثم اشترت نكست ستيب!
هكذا لم يكن أمام نظام بي سوى أن ينتقل إلى معالجات x86 من إنتل وAMD، وهذا السوق يشهد منافسة قوية من مايكروسوفت ولينكس الصاعد، طرحت شركة بي نسخة مجانية من نظامها يمكنها أن تعمل من خلال ويندوز ولينكس، لكن لم تنجح في جذب المزيد من الزبائن، قامت شركة بالم بشراء حقوق النظام في عام 2001م والتي بدورها أنهت حياة النظام واستفادت من تقنياته في تطوير نظام بالم.
ما الذي يجعل نظام بي مميزاً؟ عندما ظهر هذا النظام لم تكن أنظمة التشغيل متطورة كما هي اليوم، هذا النظام كان موجهاً بشكل أساسي لمستخدمي سطح المكتب، وكان يركز كثيراً على الوسائط المتعددة، أي الصوت والصورة والفيديو، الميزة الثانية هي أداءه القوي وسرعة استجابته، حتى اليوم يقول محبو هذا النظام أنهم لم يجدوا أي نظام آخر ينافسه في سرعة الاستجابة وفي أداءه.
الميزة الثالثة هي الواجهة الجميلة البسيطة، مرة أخرى تذكروا واجهات أنظمة التشغيل قبل خمس عشر عاماً، نظام بي في ذلك الوقت كان مختلفاً مميزاً، الميزة الأخيرة التي أريد التحدث عنها هي ما تسميه أبل اليوم
سبوت لايت، محرك بحث نظام أبل ليس فكرة جديدة، فقد كان نظام بي يحوي هذه الميزة قبل جميع أنظمة التشغيل الأخرى، ومبرمج محرك البحث في نظام بي هو
Dominic Giampaolo والذي يعمل الآن في شركة أبل.
الآن هناك عدة مشاريع حرة تريد أن تقوم بإحياء نظام بي، أبرزها
هايكو، وهناك شركة ألمانية تقوم بتطوير نظام بي وهي
يلو تاب.
أو أس 2 (OS/2)هذا النظام كان من المفترض أن يكون بديلاً لويندوز، فقد طورته شركة آي بي أم بالتعاون مع مايكروسوفت منذ العام 1985م، مضت السنوات وبدأ ويندوز يكتسب شهرة أكثر من أو أس 2، فقام ميكروسوفت بالتركيز على نظام تشغيلها، وطورت ويندوز إن تي الذي أخذ الكثير من أفكار أو أس تو، والذي هو اليوم أساس نظام ويندوز أكس بي وويندوز 2000 من قبل.
كان أو أس 2 يستطيع تشغيل برامج دوس وويندوز، ويضم لغة
ركس التي يمكن من خلالها إضافة المزيد من الخصائص للنظام، وكان أحد أول أنظمة التشغيل الذي يدعم تقنية 32 بت بشكل كامل، في حين كان ويندوز 95 لا يزال خليطاً بين 16 بت و32 بت.
اليوم نظام أو أس 2 لا زال يستخدم في العديد من أجهزة الصرف الآلي، وهناك شركة
إي كوم ستاشين لا زالت تقدم دعماً للنظام وتطوره بموافقة آي بي أم، أما آي بي أم فقد قررت رسمياً إنهاء حياة هذا النظام، وهناك
دعوات لآي بي أم لكي تجعل النظام حراً فيقوم على تطويره مجتمع البرامج الحرة.
سكاي أوس (SkyOS)نظام طوره شخص واحد في البداية هو
Robert Szeleney وهو شاب من النمسا، ثم شاركه
آخرون، وقد كان النظام في بدايته مجاني لكنه الآن تجاري.
سكاي يستخدم نظام ملفات 64 بت متطور هو
SkyFS والذي طور على أساس نظام ملفات آخر هو OpenBFS والذي بدوره أخذت فكرته من نظام BeOS، نظام الملفات هذا يتيح لسكاي أن يقدم خاصية البحث عن الملفات بشكل سريع تماماً كما يفعل محرك بحث نظام ماك الذي سمته سبوت لايت.
يدعم سكاي الوسائط المتعددة بشكل رائع، ويقدم أساساً سهلاً للمبرمجين لكي يقوموا بإنشاء تطبيقات تستغل قدرات هذا النظام لتشغيل الملفات الصوتية وملفات الفيديو، وقد قام مبرمجو النظام بنقل مكتبة GTK لتعمل في نظام تشغيلهم، وهذا أتاح لهم نقل برامج أخرى مثل فايرفوكس، ثندربيرد، إن فيو لإنشاء المواقع، جيمب لتحرير الصور وبرامج أخرى.
النظام يحتاج إلى المزيد من التطوير والاختبار، خصوصاً في ما يتعلق بمشغلات الأجهزة، من ناحية أخرى يبدو هذا النظام واعداً لكنه سيواجه منافسة قوية في سوق تهيمن عليه شركة مايكروسوفت، الغالب أن هذا النظام سيجد مجموعة صغيرة من المستخدمين تكفي لإبقاءه حياً.
نقطة أخيرة: هذا النظام يقدم دعماً جيداً للكثير من اللغات ومن بينها العربية التي تحتاج إلى بعض التركيز ليكتمل دعمها ولكي تظهر النصوص العربية بشكل صحيح، وهذه فرصة للمطورين العرب للمشاركة في هذا النظام.
سايلبيل (Syllable)في منتصف التسعينات قام شاب من النرويج بتطوير نظام أسماه
AtheOS وقد كان النظام حراً لكنه لم يكن يقبل مشاركة الآخرين في تطويره، ثم توقف عن تطويره في بداية العام 2000م، في عام 2002م قام شخص اسمه كرستيان فان دير بإنشاء مشروع آخر أسماه
سايلبيل وجمع من حوله مجموعة من المبرمجين وبدأوا في تطوير النظام من حيث توقف AtheOS.
يعتمد سايلبيل على نظام ملفات 64 بت يسمى AFS وهو لا يختلف كثيراً في أفكاره عن نظام SkyFS أو OpenBFS، واجهة النظام تعتمد على لغة سي بلس بلس، ويحوي النظام الكثير من أدوات مشروع جنو، وكذلك برامج حرة أخرى مثل المحرر النصي فيم وإيماكس، ولغة البرمجة بيثون وبيرل، ومزود المواقع أباتشي.
أنظمة بي أس دي (BSD)تعود بدايات أنظمة BSD إلى أواخر السبعينات، لكن لن أتكلم عن تاريخ هذه الأنظمة، بل عن حاضرها فقط، هذه الأنظمة تعتبر أنظمة يونكس فهي تتوافق مع
مواصفات أنظمة يونكس وهي نظم تشغيل متكاملة، تحوي النواة والأدوات والبرامج على عكس لينكس الذي هو نواة فقط.
أنظمة BSD تنقسم اليوم إلى عدة مشاريع، من أبرزها نظام
FreeBSD الذي يستخدم على نطاق واسع في مزودات الويب ويشتهر بأنه نظام ثابت وقوي الأداء، شركة ياهو تعتمد عليه في مزوداتها، وعلى أساس FreeBSD قام مشروع
DragonFly BSD والذي قام بإنشاءه مبرمج اسمه مات ديلون الذي رأى أن أسلوب تطوير FreeBSD 5 سيؤثر على أداءه ويجعله صعب التطوير والإدارة، فقام بإنشاء مشروع DragonFly الذي يهدف لتصحيح هذا الوضع وتطوير النظام ليكون عالي الأداء.
المشروع الثاني هو
OpenBSD وهو نظام آمن ويمكن القول بأنه أكثر الأنظمة أماناً، يركز مشروع OpenBSD على الأمان بشكل كبير بحيث لا يضيف أي خاصية ولا يقوم بطرح إصدارات جديدة منه قبل التأكد من أنها آمنة ولا تعاني من أية ثغرات، ويركز المشروع أيضاً على الجودة، أي إتقان برمجة النظام واستخدام الأوامر المناسبة.
المشروع الثالث هو
NetBSD ويتميز بأنه يدعم أكثر من 54 نوعاً من الأجهزة، يمكن لهذا النظام أن يعمل في أجهزة نادرة أو توقف إنتاجها.
في الختامهذه كانت نظرة سريعة على أنظمة تشغيل مختلفة، من أراد معرفة المزيد فعليه البحث في ويكيبيديا بالطبع وموقع
أو أس نيوز وفي جوجل، شخصياً أجد متعة كبيرة في معرفة أنظمة التشغيل وتقنياتها وما يميزها.
هناك المئات من أنظمة التشغيل، بعضها يعمل على أجهزة الحاسوب العادية وأغلبها يعمل في أجهزة مختلفة كالهواتف النقالة، السيارات، الحواسيب الكفية، الأقمار الصناعية وغيرها الكثير من الأجهزة، أنظمة التشغيل ليست مجرد أشياء يلهو بها محبو الحاسوب، بل هي جزء أساسي في كل شيء تقريباً.